( ابتهال سلمان )
منذ اندلاع الحرب في اليمن، والتي دخلت عامها العاشر، بدأت المعاناة الإنسانية لليمنيين في مختلف المحافظات، حاملة واقعا جديدا من المآسي وقصص الدمار والموت والشتات والجوع والمرض والاعتقالات، واضطر الكثير من اليمنيين إلى مغادرة اليمن هربا للبحث عن مساحة آمنة لهم ولذويهم. وكانت جمهورية مصر من أهم الدول التي استقبلت اليمنيين.
حيث قدر عددهم هناك بمليون شخص، في حين رجحت مصادر في السفارة اليمنية بالقاهرة، أن العدد يتراوح بين 650-750 ألف يمني، وهي زيادة كبيرة عن العدد ما قبل الحرب.
فئات مجتمعية متعددة
عدد كبير من اليمنيين المتواجدين في مصر، من المستثمرين ورجال الأعمال الذين فروا من مناطق سيطرة جماعة الحوثي بفعل أعمال الجبايات والنهب الممنهجة، وبعد أن دمرت مصانعهم ومؤسساتهم، أو من مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها دوليا. أيضا هناك من قدم إلى مصر لغرض الدراسة أو العلاج، وهم كثيرون، إضافة إلى كثير من المواطنين العاديين والصحفيين الذين هربوا من ويلات الحرب وغياب الخدمات والوضع الأمني المتهاوي في جميع المحافظات اليمنية.
يوجد أيضا عدد كبير من الأسر اليمنية التي نزحت من السعودية بعد أن تعقدت أوضاعها هناك، بسبب نظام الكفالة الجديد، إضافة إلى الأسر اليمنية التي تتردد على السفارات الأجنبية من أجل إجراءات لم الشمل مع ذويها في الخارج بسبب مغادرة مكاتب هذه السفارات من اليمن جراء الحرب.
مبادرات للتخفيف من معاناة المقيمين
هذه الفئات المتعددة من اليمنيين في مصر دفعت شبابا ناشطين إلى تأسيس مبادرات إنسانية هدفها التخفيف من معاناة المقيمين اليمنيين، في الجوانب الإنسانية والاجتماعية والتعليمية والصحية.
حيث تتواجد في العاصمة المصرية القاهرة قرابة 7 مبادرات، جميعها تهدف إلى تقديم الخدمات للمقيمين اليمنيين، وعمل أنشطة تعزز وتسهم في إدماجهم في المجتمع الجديد.
وتعد مبادرة "ديوان اليمن" من أوائل المبادرات التي أنشئت في مصر، وتأسست في العام 2015 من قبل خمس نساء يمنيات.
تقول الدكتورة صابرين صلاح، رئيسة مبادرة "ديوان اليمن" لموقع "صحافة السلام": "تم إنشاء مبادرة "ديوان اليمن" عام 2015، وبعدها بعام واحد فتحنا لها فروعا في "فيصل" و"الدقي" في محافظة الجيزة، نتيجة زيادة عدد المقيمين اليمنيين هناك".
وتضيف صلاح: "المبادرة تتمتع بخطة استراتيجية حتى 2027، وتهدف لحماية النساء والأطفال من العنف القائم على النوع الاجتماعي والناجين من العنف".
وتقدم المبادرة عدة نشاطات وخدمات متنوعة في مجالات صحية واجتماعية وخدمات قانونية، منها مركز صحي يقدم عيادات بتكلفة منخفضة للاجئين والمهاجرين، إضافة إلى الإرشاد الصحي وبرامج الإسعافات الاولية، بالإضافة إلى تأسيس مركز خاص بتعليم وتدريب اللاجئين في الحرف اليدوية، كالخياطة، صناعة العطور، صناعة البخور، الكروشيه... كما تقدم المبادرة منحة الطوارئ المالية للأسر المعدمة، إضافة إلى ندوات تثقيفية وتعريفية للقادمين الجدد تسهل لهم عملية الاندماج في المجتمع المضيف. وتحظى مبادرة "ديوان اليمن" بشراكات مع منظمات دولية ومحلية، تعمل تحت غطاء قانوني مرخص.
وليد الزريقي رئيس مبادرة “مجتمع وجود” قال لموقع "صحافة السلام" إن مبادرته تأسست عام 2019 من قبل مجموعة من الشباب والشابات في القاهرة، ومؤخرا أصبحت مرخصة وتعمل تحت غطاء قانوني من قبل مؤسسة "داماس" السورية.
بحسب الزريقي تنشط المبادرة في 3 مجالات رئيسية، هي المجال القانوني، والنفسي، والصحة والتعليم، كما تقدم خدمات للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث بلغ عدد المستفيدين اليمنيين منها مطلع هذا العام قرابة 1163 فردا.
وتستهدف المبادرة، وفق الزريقي، تقديم خدمة في الجانب القانوني لليمنيين الذين يتعرضون للاحتجاز من قبل الجهات الأمنية المصرية، بالتعاون مع شراكات قانونية عاملة في الميدان.
مبادرة “اليمن السعيد”، التي تأسست نهاية 2016، تركزت أهدافها على تأهيل الشباب والنساء من اليمنيين المقيمين في مصر.
هذه البرامج التأهيلية مكنت بعض الشباب من العمل والالتحاق بالدراسة، بعد أن تمكن الكثير منهم من تعلم اللغة الإنجليزية، كما نفذت أنشطة تتعلق بإبراز الموروث الشعبي اليمني، باعتباره جامعا مشتركا يقدم بعيدا عن الحرب والصراع.
شح التمويل يهدد المبادرات
تواجة أغلب المبادرات اليمنية في مصر تحديات كبيرة، على رأسها شح التمويل، وتقليص البرامج الممولة من قبل المنظمات الدولية الخاصة باليمن.
ويشكو القائمون على هذه المبادرات، عدم قدرتهم على تغطية حجم الاستجابة الانسانية لليمنيين المحتاجين في مصر، إضافة إلى غياب الدعم اليمني الرسمي، رغم أهمية الدور الذي تلعبه في هذه الظروف الصعبة والمأساوية.