تهاوي الريال يُجهز على ما تبقى من حياة اليمنيين

الرئيسية | السلام في اليمن | الاثنين ، 28 اكتوبر 2024 ١٢:٢٨ صباحاً

( تقرير إخباري - خاص )

يواصل الريال اليمني تهاويه في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها دوليا، فتخسف قيمته بأسعار السلع والخدمات المتردية أصلاً؛ حيث تعدى سعر الصرف حاجز 2030 ريالاً مقابل الدولار الواحد، وهو أدنى مستوى يصل إليه الريال في تاريخه.

واعتبر الخبير الاقتصادي مصطفى نصر، في تصريحات صحفية، أن هذا التهاوي المريع للعملة "أمر كارثي على كل الأصعدة"، مشيراً إلى أن "الريال يفقد أكثر من ثمانية أضعاف قيمته، أي بنسبة تتجاوز 800 بالمائة منذ بدء الحرب".

وتوقع خبراء اقتصاد أن يواصل الريال تهاويه أكثر خلال المرحلة القادمة، نتيجة العجز المزمن في ميزان المدفوعات وغياب أي إصلاحات اقتصادية من قبل الحكومة، التي تواجه أزمة مالية غير مسبوقة تسببت في تأخر صرف رواتب الموظفين لشهرين، والعجز عن توفير الوقود لمحطات الكهرباء.

وذكر مصدر في البنك المركزي في عدن، في تصريحات صحفية، أن "الحكومة تواجه ضغوطاً تسببت في تراجع سعر العملة، وسط تراجع إيرادات الدولة إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق".

ومنذ نهاية 2022، تعاني الحكومة المعترف بها دولياً من أزمة توقف صادرات النفط الخام، بعد قيام الحوثيين بتنفيذ هجمات بطائرات مسيرة على ميناءين لتصدير النفط في محافظتي حضرموت وشبوة.

وخلال اجتماع له في نيويورك، قال محافظ البنك المركزي في عدن، أحمد غالب، إن هذه الهجمات أفقدت الحكومة 6 مليارات دولار.

تصاعد الغضب الشعبي

أكثر ما يوجع الناس، خلال متابعتهم لدراما انخفاض سعر صرف الريال، هو الارتفاع المهول لأسعار السلع والخدمات. فهذا الانهيار الاقتصادي والمالي جاء قاصماً لظهورهم، وكاشفاً عن حقيقة إفلاسهم العام، ومعرّضاً مصائرهم إلى مزيد من الخراب.

ومنذ أيام، تشهد العديد من المدن، الواقعة تحت نفوذ الحكومة المعترف بها، حالة احتقان لاحت بوادره بالفعل في كل من محافظتي تعز وحضرموت، اللتين شهدتا احتجاجات شعبية على تردي الأوضاع المعيشية والخدمية.

وفي حين تبدو الحكومة المعترف بها عاجزة عن الحلول إلا من وعود لا تسمن ولا تغني من جوع، يصر الحوثيون على تكريس حالة الانقسام النقدي، وسط فشل الجهود الدولية لإنهائه وإحداث خرق في هذا الملف الهام.

أما البنك المركزي في عدن، فلا خيار أمامه سوى تلاوة الرقية الوحيدة التي يحفظها على الريال؛ حيث أعلن عن فتح مزادات لبيع ملايين الدولارات، وهو إجراء سبق وأن تكرر كثيراً، لكنه لم يُفض إلى نتيجة، في وقت بدا البحث عن تمويل خارجي هو الحلّ الوحيد المتاح حالياً.

محافظ البنك المركزي، أحمد غالب، طلب من صندوقَي النقد العربي والدولي إمكانية دعم اقتصادي عاجل لتجاوز التحديات المرتبطة بتوقف تصدير النفط والغاز، نتيجة استهداف الحوثيين موانئ التصدير والهجمات على الملاحة.

كما طلب إعفاء اليمن من فوائد الديون المتأخرة، والحصول على تمويلات إضافية.

مشاورات برعاية أممية

أمام هذا الوضع الخانق، لا تتوقف الأمم المتحدة عن إطلاق التحذيرات من مجاعة واسعة في اليمن، فيما تبدو عاجزة عن فك شيفرة الحل، ولم تنجح في إلزام طرفي النزاع -وخاصة الحوثيين- بتنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه قبل أشهر برعايتها؛ وهو اتفاق يفضي إلى إنهاء الانقسام النقدي وتوحيد العملة، وتسوية الملف الاقتصادي بشكل عام.

لكن مسؤولاً في مكتب المبعوث الخاص قال، في تصريح حديث له، إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي "البنك المركزي" في صنعاء وعدن، لإيجاد حلول تقنية ومستدامة؛ لتجنب انهيار اقتصادي أعمق، بما فيها تقييم العرض النقدي الأمثل، وتوحيد سعر الصرف في جميع أنحاء البلاد.

وكشف المسؤول الأممي أنه أجرى مناقشات بهذا الشأن في صنعاء، الشهر الحالي، مشيراً إلى أن "العملة الموحدة، والقطاع المصرفي الموحد، يجلبان قوة مالية، وتحفيزاً للاقتصاد"، على حد تعبيره.

وبالرغم من التصريحات الأممية، إلا أن حالة الانسداد في هذا الشأن مازالت قائمة؛ خاصة في ظل غياب الإجراءات العملية، والمبادرات المتعلقة بهذا الملف، وإبقاء الحل الاقتصادي رهين الحل السياسي المعقد أصلاً.