الابتزاز الإلكتروني والمجتمع وجهان لجلاد واحد

الرئيسية | السلام في اليمن | الأحد ، 01 ديسمبر 2024 ٠٢:٥٠ مساءً

( ابتهال سلمان )

صاحب التطور الكبير في وسائل الاتصال الحديثة واستخدام شبكة الإنترنت زيادة كبيرة في الجرائم التي ترتكب مؤخرا.

وقد أثارت الجرائم المعلوماتية العديد من الإشكالات بالنسبة للقائمين على مكافحتها، ويرجع ذلك إلى أن القوانين والتشريعات والإجراءات الجنائية التقليدية تقتصر على الأشياء المادية الملموسة، أما بالنسبة للمعلومات والأمور المعنوية الأخرى المرتبطة بها فلم تمتد إليها الحماية إلا حديثاً وبشكل خجول. كما أن كشف هذا النوع من الجرائم وإثباتها ليس بالشيء السهل، خاصةً أنها ليس لها أثر مادي من جهة، وضعف الخبرة التقنية لدي جهات التحقيق في مثل هذا النوع من الجرائم من جهة اخرى، ناهيك عن الوصمة المجتمعية التي تصيب الضحايا من جهة أكبر.

وفي أول حكم قضائيّ صدر في سبتمبر الفائت بخصوص إحدى جرائم الابتزاز الالكتروني بمحافظة عدن، أصدرت محكمة صيرة الابتدائية، في جلستها الأخيرة برئاسة القاضية ساره عبدالرحيم باعمر وبحضور وكيل نيابة الصحافة والمطبوعات والنشر الإلكتروني القاضي خالد الحسني، حكمها في القضية الجنائية رقم (١) لسنة ٢٠٢٤ جريمة جسيمة بتهمة الابتزاز الالكتروني والفعل الفاضح. وجاء منطوق الحكم بإدانة المتهمين (رجل وامراة) بالتهمة المنسوبة إليهما في قرار الاتهام، وعوقبا بالسجن، سنة للمدان وشهراً للمدانة في الجريمة، ومصادرة وإتلاف أدوات الجريمة، والتي تمثلت في موبايل وفلاشة، الأمر الذي يعد تقدما كبيرا في التعامل مع هذه الجرائم التي كثر ضحاياها.

وتعد جرئم الابتزاز الالكتروني أحد أشكال الجريمة الإلكترونية التي تشكل مشكة وخطرا يؤرق الكثيرين، وخاصة النساء، إذ إنه وبالرغم من أن هذه الوسائل لها من الفوائد ما لا يعد ولا يحصى، فإن لها من الآثار السلبية ما يستدعي أن يتداعى أهل الاختصاص وبخاصة في المجال القانوني لمحاصرتها، سواء بالوقاية من الوقوع في مثل هذا الخطر، أو بالعمل على رصد هذه الجرائم ومكافحتها، ناهيك عن ضرورة تأهيل ضحاياها من خلال برامج التأهيل في الجهات المختصة. وفي هذا الصدد أطلق مركز إنصاف للحقوق، مطلع سبتمبر، بمدينة عدن، برنامجاً تدريبياً متقدماً حول العنف الرقمي القائم على النوع الاجتماعي، مخصصاا لقضاة ووكلاء وأعضاء النيابة. 

ويُعدّ البرنامج المرحلة الأولى من مشروع "مساحة آمنة" الذي تدعمه السفارة الفرنسية في اليمن.

وهدف البرنامج إلى تعزيز مفاهيم مكافحة الابتزاز الإلكتروني وتعزيز آليات الحماية القانونية والقضائية، وشارك فيه 25 قاضياً وقاضية، إضافة إلى وكلاء وأعضاء في النيابة العامة.

ومن الملاحظات الواقعية أن هذه الجرائم قد يرتكبها أفراد يتمتعون بذكاء عالٍ أو أشخاص محدودو الذكاء متى ما تحصلوا على بيانات او صور لمستخدمي الحواسيب والهواتف الذكية، ثم يقومون بابتزاز الضحايا، الأمر الذي يؤدي إلى خسائر ليست بالهينة لأفراد المجتمع، بمن فيهم الأطفال والنساء، لاسيما في مجتمعات تقليدية تقدس العادات والتقاليد المجتمعية، كالمجتمع اليمني، إذ يفضل الضحايا الصمت وعدم الإبلاغ عما يتعرضون له، خوفا من ثقافة العيب والعار، وتصبح حياتهم في خطر، فيستولي عليهم الخوف من العار والفضيحة في المجتمع ومن الأهل، الذين يكونون في أغلب الأحيان جلاداً آخر عليهم. وكثيرة هي الوقائع التي حدثت وانتهت بانتحار الضحايا أو قتلهن من ذويهن، خاصة عندما تكون الضحية امرأة كل ذنبها جهلها بوسائل حمايتها الرقمية أو ضحية ابتزاز من حبيب أو صديقة استولت على صورها بدون علمها أو عبر وسائل أخرى متعددة.

والمسؤولية هنا تقع على عاتق الجميع، من قوانين رادعة وتوعية مجتمعية تقع على عاتق وسائل الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني والنشطاء والمؤثرين، للتصدي لظاهرة الابتزاز الإلكتروني، وهو ما يستدعي التشبيك والتنسيق، على مختلف المستويات، محليا ودوليا، بما يضاعف فاعلية وكفاءة الجهود المبذولة.